نموذج المقاطعة بداية الوعي الشعبي الأردني
بغض النظر اتفقنا أو اختلفنا مع حملة المقاطعة الحالية
للبيض والبطاطا لارتفاع السعر إلا أنها
شكلت بداية منظمة لهذا الوعي الجديد الذي لم يعد يمشي بنظام الفزعة مستقبلاً حتى
لو كان بعض منه الآن هو من باب الفزعة، بدليل الحديث عن مدى جدية بعض المقاطعين
بالمقاطعة، أما دليل الوعي هو أن هذه الحملة قد أسست لحملة مقاطعة جديدة للاتصالات.
ولا يجوز تثبيط عزيمة الناس بأنها ضد المزارع البسيط
ومستقبلاً ضد السادة المساهمين بشركات الاتصالات ولاحقاً ضد المستثمرين المساكين؛ فمن
يعمل ضد المزارع البسيط وباقي الشرائح هو
من لا يحميهم من جشع السماسرة أو الوسطاء ولا يوفر لهم البديل. من غير المقبول أبداً أن يكون هذا المواطن
المستهلك جمل المحامل، فيحمل هم المزارع والسمسار وبائع الجملة؛ فمن يحمل هَمّ
المستهلك البسيط؟ وإذا أضفنا أن من
مسؤوليات هذا المواطن أن يدعم خزينة الدولة فسيكون هَمّه أضعافاً مضاعفة.
إن سبب حملة المقاطعة وجيه جداً، وهي حق للشعب جماعات وأفراداً
سواء كانوا منظمين أم لا عندما يحدث ما يهدد لقمة عيشهم أو حتى جانباً من جوانب
رفاهيته؛ من قال إن حق مواطن القرن الحادي والعشرين هو مجرد لقمة العيش؟ من حق
الجميع أن يقاطع وينظم نفسه بشرط أن لا يكون بطريقة تهدم المعبد على رؤوسهم
ورؤوسنا جميعاً.
لكن ومن باب النصيحة وحتى تؤتي هذه المقاطعات أكلها يجب
الانتباه لبعض النقاط برأيي الشخصي المتواضع.
في البداية يجب أن يكون لهذه المقاطعة هدفاً تسعى
لتحقيقه؛ ويبقى هذا الهدف ثابتاً لا يتغير فيطلب المزيد إن لمست الحملة استجابة
معينة من الجهات المعنية. إن سبب فشل
الكثير من الحملات هو الانخداع بتحقيق الهدف فيطمع المنظمون بما هو أكثر إلى أن
نصل الى طريق مسدود؛ عندها (والحديث ما زال عن البيض والبطاطا) ربما يفتح باب التصدير على مصراعيه مثلاً أو أي أسلوب من
ما في جعبة الحاوي، فيتم تصريف البضائع في أماكن أخرى فلا يعود للمقاطعة
أثرها. أذكر مثلاً أن أحد الشباب
الحراكيين (أيام الحراك زمان) قال عندما سُئل عن هدف الحراك : ليس لنا هدف ثابت؛
فمطالبنا تعلوا كلما علا الحراك وكلما استجابت الحكومة لمطالبنا! يعني بورصة مطالب؛ يوم نرفع ويوم نخفض. سُقت هذا السبب لأنني بدأت أسمع أن هناك مطالب
باستمرار المقاطعة حتى تصبح كرتونة البيض بليرة وربع!!
يجب أن لا تصبح هذه الحملات فرصة للبعض للظهور إعلامياً
وإلى الاختلاف حول من يمثل الحملة ومن يحق له أن يُصَرِّح للإعلام
أولاً. فعندما يدب الخلاف حول من يمثل من يبدأ
الجميع بالإنسحاب شيئاً فشيئاً فتضيع المسألة، وتنتهي المقاطعة أو تضعفها. إن من
يتابع هذه الحملة على وسائل التواصل يجد هذا جلياً واضحاً؛ فبدأت بصفحة وانتهت
بصفحات. تتلقى من هذا دعوة ومن ذاك دعوة
فتحتار أين تقف؛ وكأني بدور جديد قادم ينتظر المواطن الغلبان وهو إرضاء أصحاب
الصفحات أيضا إضافة للكومسينجي بالسوق المركزي.
لا يخفى على
الجميع أن هناك فئة تحرص على الظهور بأي مناسبة حتى لو كانت لا تعنيها وهم كُثُر
ونراهم على صفحات الفيس يرقصون أحياناً حتى للمتناقضات؛ وكأن الهدف أن يبقوا
بالشارع لاعتقادهم أنهم ربما يقودوه ويصبحوا نشطاء ولهم صوت مسموع فيبدأ الهتاف
(للبطاطا) وينتهي بشعار من الشعارات السياسية التي ملها الشارع
من زمنا وأصبحت ممجوجة حتى عند أصحابها الأصليين. وهذا جلي جداً ولا يخفى على أحد.
من المهم جداً عدم إغلاق قنوات الاتصال مع الجهات
المعنية؛ فالهدف ليس المقاطعة إنما هي لتوصيل فكرة ومطلب حق للمستهلك المنهك. لهذا من الحكمة الحفاظ على الخيط الرفيع بين
المنظمين وتلك الجهات لأن الخاسر الوحيد في حالة فشلها هو المواطن الذي قامت
المقاطعة من أجله هو فقط.
يجب أن لا تصبح المقاطعة موضة بحيث تصبح مقاطعة لأي شيء قبل الانتهاء من الموضوع الرئيس. إن كثرة "النطنطة"
من مقاطعة لأخرى يفقد المقاطعة الأصلية زخمها؛ لا بل ربما يكون سبب فشلها. يجب اختيار موضوع المقاطعة الجاد والذي يمس وجع
المواطن (ولا أفرق بين اساسيات أو كماليات هنا) فلا يجوز أن تكون لأي موضوع.
وفي الختام أسوق هذه المعلومة سمعتها من الإذاعة من
مسؤول بجمعيات البيض وهي أن مدة صلاحية البيض هي شهر ميلادي واحد فيجب الانتباه
لتاريخ الانتاج عند الشراء ولا ننساق وراء
رخص الأسعار عند تجار البكمات الذين ينشطون في مثل هذه الأجواء. احرصوا على اقتناء بيض نظيف صحي ممتاز ولا
تسعوا للبيض المدِّر أو الي صوصه فيه جاهز.
تمنياتي للحملة
بالنجاح وتحقيق الأهداف.