السيسي .. مرسي أردنياً | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية
السيسي ....مرسي أردنياً
بما أن حرب السيسي... مرسي قد وضعت أوزارها أو أوشكت، و أتحدث عن الجانب الأردني منها، فإن هذه الظاهرة أردنياً تستحق الوقوف عندها ربما كإضافة للبعد الاجتماعي للحراكات الذي كتبت عنه مسبقاً. هذه الرغبة بالانقسام حول أي قضية يجب أن تكون محط اهتمام علماء النفس و الإجتماع.
لقد انقسمنا على أنفسنا عندما بدأت الحالة التونسية و إن كان ليس بالانقسام الكبير لأن هذا الربيع كان ببدايته، و لأن التدخل الأجنبي به لم يكن سافراً كما هو الحال بباقي الحالات. و قد بدأ الانقسام يكبر بالحالة الليبية؛ ففيما كان البعض يهلل بالنصر لطلائع القوات الإنقلابية (الشرعية) كان هناك من يشير الى الطائرات الأمريكية التي تقصف فيقول: أنظروا إلى الأعلى. لكن طبعاً للنصر حلاوته مهما كان الثمن. ثم انقسمنا مرة أخرى حول مصر و أخرى حول النموذج الأفغاني في سوريا؛ نقبل الدعم من الشيطان الأكبر، لا بل نطلبه لنقف بوجه الشيطان الأحمر السوفيت و الصين. و لا أدري لماذا لم ننقسم حول اليمن طويلاً، ربما لأن النتيجة لم تكن على مقاس البعض؛ و هذا أيضاً مؤشر على نوع القضايا التي تثير اهتمامنا كأردنيين.
لكن الانقسام الأخير حول الحالة المصرية الجديدة ظاهرة تستحق الوقوف عندها طويلاً، فلم يعد الانقسام يتوقف عند تصنيف البعض بأن هذا سحيج و ذاك موالي؛ لقد تجاوز ذلك إلى مرحلة العداوة بين الفرقاء الأردنيين الذين كان البعض منهم مصرياً أكثر من المصريين أنفسهم أي أنهم كانوا ملكيين أكثر من الملك كما يقول المثل. لقد كان هذا البعض يتحدث بثقة كما لو كان ساكناً للقصر الرئاسي بمصر أو كاتم أسرار الرئيس كمحمد حسنين هيكل، أو سكرتير عام مجلس الوزراء؛ يتحدث بثقة مطلقة لا تقبل النقاش، إنما التسليم بما جاء به حضرته.
لقد شكلت المواقع الالكترونية التي تنظر إلى عداد الزيارات و موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك ميداناً واسعاً لتفريغ كل شحنات الغضب من كل طرف على الآخر حول هذا الموضوع؛ فكانت كالقمقم المغلق من زمن سيدنا سليمان؛ فتحناه فخرج دخانٌ أسودٌ كثيفٌ؛ فكان الاتهام بالغباء و الجهل و التزوير و التلفيق أبسط الأمور. أخبرني أحد الأصدقاء أنه تعرض لوصلة من الشتم لأنه وضع منشوراً على صفحته عن مؤهلات البرادعي العديدة، و قال لي بألم يا أخي هل أنا قريب للبرادعي أو صهره حتى أشتم بهذه الطريقة. و في الحالة السورية رأيت ما هو أكثر من الشتم بين متناقشين حول قضية سوريا، و قد أضطر صاحب المنشور إلى حذف ذلك المنشور.
كذلك شهد موقع الفيس حالات حذف و حجب لمن كانوا يسمون أنفسهم أصدقاء نتيجة لهذا الحالة، و من المضحك المبكي أن هذا الحجب و الحذف تم من الأشخاص الذين ينادون بحرية الطرف الآخر فكانوا من الذين يقولون ما لا يفعلون. لقد ضحكتُ طويلا عندما قرأتُ منشوراً لأحد الأصدقاء يهدد بحذف كل من يقف مع السيسي و بنفس الوقت يسألنا عن رأينا بالموضوع.
هذه الظاهرة أردنياً ذكرتني بمشهد للفنان دريد لحام بمسرحية كاسك يا وطن، عندما عاد مضروباً من المخابرات و لا يجد قوت يومه فانهال على زوجته بالضرب متهما إياها بالتقاعس عن الوقوف إلى جانب القضايا في الدول النضالية و خاصة نكاراغوا. و عندما سألته (و مين هاي نكاراغوا؟ ليكون بدك تتجوزها؟) قال: لك أنتي أدا لنكاراغوا لتجيبي سيرتها على لسانك!!
و من الغريب بالأمر و هو أيضا سببٌ آخر للتوقف عند هذه الظاهرة هو حالة الإنفصام بالشخصية التي تصيب البعض عندما يتعلق الأمر بالشأن الأردني. حراكيون يطالبون بإصلاحات بسقوف مرتفعة عندما يتعلق الأمر بالأردن و عندما يتعلق الأمر بدولة خارج الأردن فما يجري بها هو قمرا و ربيع، و يبررون ما يجري هناك و يدافعون عنه.
ربما كان الوجه الإيجابي لهذا كله هو ارتفاع الوعي السياسي عند الأردنيين، و لكن هذا التدافع للتناحر حول ما يجري خارج الأردن يجعلنا نسألهم هل تعتقدون يا رعاكم الله أن الأخوة التونسيين أو الليبيين أو المصريين أو السورين مسرورون بما تفعلونه؟ أم هل هم على علمٍ بما يجري أردنياً حول قضياهم؟ لقد طلب البعض منهم صراحة بعدم التدخل بالشأن الداخلي لدولهم.
لا بأس من الاهتمام بما يجري حولنا لكن يجب أن لا يكون على حساب أخوّتنا كأشقاء أردنيين.
كل عام و النشامى الأردنيون بخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق