صورٌ من المساجد في رمضان بين يدي معالي الوزير | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية
صورٌ من المساجد في رمضان بين يدي معالي الوزير
أثار حديث معالي الدكتور محمد نوح القضاة ببرنامج "فاسألوا أهل الذكر" على التلفزيون الأردني الشهر الماضي عن المساجد الشجون حول بعض الممارسات التي نقترفها أو نشارك بها جميعاً بفعلها أو بالسكوت عنها، و خاصة تلك التي نشهدها بشهر رمضان الكريم الذي بدأت تهل بشائره. و لا أدري إن كان المتصلون بالبرنامج قد تعرضوا لهذه الظواهر باتصالاتهم أم لا، فقد اضطررت لقطع المشاهدة لصلاة العشاء بالمسجد المجاور. و ما شجعني على الخوض فيها هو معرفتي بشخصية الدكتور من خلال ما لمسناه في برنامجه المتميز الميزان فك الله أسره قريباً (أقصد البرنامج) و مبادراته الكثيرة في وزارة الشباب و أهمها مبادرة " اركب معنا" و في وزارة الأوقاف مبادرة " دمك غالي" ، فهو صاحب المبادرات دائماً. و قد أثلج صدري بالبرنامج عندما تحدث عن دور المسجد بأنه لا يقتصر على داخل المسجد، و تشجيعه لفتح صفحة على الفيس بوك لكل مسجد و توّجها بفكرة رائعة و هي أن يكون لكل مسجد شركة راعية. أنا أعرف أنه سينجح بها لما لمعاليه من تأثير على الناس. لكل ما سبق أردت أن أعرض بين يديه هذه الخواطر.
سيدي الكريم ندرك أن المساجد لله، و حكماً فهي للمسلمين الذين يقيمون دين الله جميعاً، و هي حقٌ للجميع دون استثناء بشرط أن لا تتعارض هذه الحقوق مع حقوق أكثر منها وجوباً و لهذا جاء قول صلى الله عليه و سلم " إن المصلي يناجي ربه ، فلينظر بما يناجيه ، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن دلالة على أن قراءة القرآن حق و لكنها عندما تشوش على المصلين فإن الأولوية للصلاة. و لهذا فالمساجد مفتوحة للجميع و لكن إذا تعارض ذلك مع الصلاة فالأولوية للصلاة طبعاً.
و ندرك كذلك أن الكثير من تصرفات البشر هي شخصية، و لا يمكن حلها إلا من قبل الأشخاص أنفسهم وخاصة في صلاة التراويح كالحديث و الضحك في الصفوف الخلفية و هنا أًتحدث عن الكبار طبعاً، فلا يمكن أن نُحضر شرطياً لكل شخص. و أذكر أنني في رمضان الماضي أشرت لأحدهم بأننا في صلاة و هو يضحك مع شخص آخر وراء الصفوف، فقال "صلي منو قاظبك" ، فانصرفتُ إلى صلاتي داعياً الله لنا بالهداية جميعاً. أما موضوع الخلاف على أن نفتح الشباك أم نغلقه في مسجد مكيف فهذا يأخذ نصف قراءة الفاتحة في الركعة الاولى غالباً. لكن هذا كله لا يمنع أن نشير الى بعض الظواهر الأساسية الأخرى، و التي تقع ضمن تخصص الوزارة أو الشركة الراعية للمسجد إن تحققت الفكرة، فتصوري للشركة الراعية أن لا يقتصر دورها على دفع مصاريف الفواتير.
تقع عملية جمع التبرعات في نهاية صلاة التراويح و أيام الجُمع في رأس هذه المشاكل كلها، فالتبرعات لا تقتصر على المسجد الذي نصلي فيه بل يحضر الى المسجد لجانٌ من مساجد مختلفة أو لجان لجمع الزكاة من أماكن متفرقة. لسنا ضد الجمع كفكرة و لكننا ضده بهذا الشكل لعدة أسباب أهمها التنافس بين السادة جامعي التبرعات الخارجيين، و ربما يكون المسجد الذي نصلي فيه آخرهم، فما أن يقول الامام السلام عليكم الأولى حتى يرتفع صوت بآخر المسجد قائلا "ما نقص مال من صدقة". طبعاً منهم من يقولها قبل التسليم الثاني باعتباره سُنّة. و يكون التنافس كذلك على من سيقف قرب الباب و ترتفع الدعوات بالبركة لكل متبرع. و هؤلاء يكونون آخر من يدخل صلاة التراويح و أول من يخرج منها و يحرصون على الوقوف بأمكنة معينة و لا يكملون الصفوف لهذا ترى الصفوف الخلفية مقطوعة. و إذا أراد الشيخ إعطاء درس بين التراويح يمكن تقدير عدد المستمعين له. لماذا لا تخصص صناديق مشابهة لمقترح معاليكم بالبرنامج لتوضع بعد أخذ الموافقات الرسمية طبعاً على جدار المسجد و لا يقف عندها أحد. فيذهب إليها من أراد التبرع، إلا إذا أردنا جمع التبرعات بسيف الحياء، فهذا أمر آخر.
ثاني المشاكل البيع خارج المسجد و هذه ظاهرة في رمضان. لا أتحدث عن من يبيع في الشارع العام قريباً من المسجد، و لكني أتحدث عن ظاهرة ليست جديدة وهي من يُبَسّط بسيديهات دينية على باب المسجد ( على الدرجات الأولى) أو الكتيبات الصغيرة التي تعرفها. هل دخلت التجارة الدينية كجزء من المسجد؟ هل موضوع الكتب الديني يبيح للبائع ما لا يحق لغيره، هذا يحدث ذلك تحت نظر حراس المسجد من شركة الحماية مثلا كما هو الحال بمسجد الشيخ نوح رحمه الله بجامعة اليرموك؛ يشكل هؤلاء الباعة مع الباعة الآخرين عائقاً كبيراً للمصلين في دخولهم و خروجهم ، و تشكل أصواتهم مع أصوات الباعة في الخارج سنفونيّة مزعجة لمن ما زال يصلي ( كصلاة المسبوق) أو من يكثر من السُنن.
ولقد ركب المسجد هذه الأيام مُكرهاً أو مماشياً موجة ما اصطلح على تسميته الربيع العربي، فأصبح الكثير من المساجد مُسيساً بدرجات مختلفة حسب ميول الخطيب مع أو ضد. و من المساجد تنطلق المظاهرات، و تنطلق هتافاتهم من داخل المسجد و ليس خارجة و كذلك بعد التسليم الأول كما شهدتها و سمعتها، و لك أن تتصور الطريقة التي يخرجون بها. ربما يقول قائل و ما علاقة الأوقاف بهذا ؟ فأقول له كل العلاقة؛ فمن ينطلق من داخل المسجد هم الإسلاميون و ليس غيرهم، و قادة هذه المظاهرات معروفون للأوقاف، و يمكن التواصل معهم بأن تبدأ الهتافات من خارج المسجد.
و كجزء آخر من تسييس المساجد هو ركوب بعض الخطباء و الأئمة موجة السياسية فنراهم حراكيين أكثر من الحراكيين، و لا أتحدث عن معارضة رفع الأسعار مثلاً، و لكني أتحدث عن التهكم على بعض المسؤولين و التعرض لهم بالسخرية و الاستهزاء. بهذه المناسبة نقدر لمعالي الوزير مبادرته بإرجاع الخطباء الذين كانوا منعوا من الخطابة بالسابق ، و هذه تضاف إلى مبادراته الطيبة دائماً.
و في الختام أتمنى لمعاليه التوفيق و السداد و النجاح رغم بعض المحبطات التي تعترض طريقه و التي تدل على أنه يسير في الطريق الصحيح.
و كل عام و أنتم بخير بمناسبة حلول الشهر الكريم، أعاده الله على الجميع بالخير و البركات و على الوطن بالأمن و الاستقرار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق