أرض للبيع : على أونا على دوي على تري
كانت الأرض دوماً بالنسبة للأردني
رمز عزٍ وفخارٍ و برستيجٍ اجتماعي رغم قلة مردودها المادي مقارنة مع بعض الأنشطة الأخرى كالتجارة، و لا يفرط فيها إلا
للضرورة القصوى لتكون آخر الحلول. و منها
مثلاً تعليم الأبناء؛ فالتعليم للأردني لا يقل ثروة عن الحفاظ على الأرض. و كثيراً
ما سمعنا عن فلان أنه باع وطياته أو جزء منها ليعلم أبناءه؛ و لم يكن أبداً يخجل
من هذا؛ بل كان يفتخر بأنه ضحى بأعز ما يملك ألا و هي الأرض لأن المقابل أغلى ألا
و هو العلم.
و عندما قرر المتحكم بأمور الشعوب
الفقيرة إدخالها أتون المظاهر الإستهلاكية و المباهاة الاجتماعية بيعت الأرض، و فرط بها الأبناء و الأحفاد لبناء الفلل و
لشراء السيارات. لكن سرعان ما كان البائعون
يعضون أصابع الندم على ذلك حين لا ينفع الندم، و بعد أن تتبخر الفرحة بالفيلا أو
الجخ بالسيارة و أصبح حاله كحال المقصود بالأغنية الشعبية المعروفة " باع
الأرض و شرى سيارة و ركّب عليها أنتين".
و تطور مفهوم بيع و تملك الأرض ببداية
القرن الواحد و العشرين ليتجه للمناطق السياحية ليشتريها أصحاب المال و النفوذ بأعلى الأثمان رغم أنها ربما كانت لا تساوي هذه
الثمن حتى تبقى حكرا عليهم فقط بحيث لا يشاركهم بها الأ من كان بحجمهم المالي؛ أو
ربما لبيعها لاحقا لصاحب نفوذ آخر من دولة شقيقة. و تحول أصحاب هذه الأراضي (
الوعر) إلى أصحاب عشرات أو مئات الآلاف من الدنانير وربما الملايين بين عشية و ضحاها. و لا أدري ربما يكون من المبكر التكهن بأن
أصحاب هذه الأراضي سيكون حالهم كحال
سابقيهم.
لكن التطور الجديد الآن هو أن
البلل وصل للحية الدولة (صاحبة الولاية العامة) ببيع أراضي الدولة باسم الاستثمار و السياحة؛ و
ربما لم يكن هذا جديدا و لكن الخلاف بين المشاركين على ما يبدوا بصفقة البحر الميت الأخيرة هو الذي أظهرها بهذا الشكل لتكون حديث
الساعة. و في الحقيقة فإنني لا أستسيغ بيع أراضي الدولة ( التي هي ملك لكل
الأردنيين) لأي مستثمر؛ إنما يمكن تأجيرها
هو الأفضل حتى نسترجعها في وقت الحاجة اليها.
و قد يتهمنا قائل بعدم إدراك الأبعاد المتعددة
للاقتصاد و الاستثمار فنقول له و لا الضالين آمين؛ بيعوها لكن بالثمن الذي تستحق
لا بأبخس الأثمان، فليس من المعقول أن توهب هذه الأراضي بمبلغ زهيد و بالتقسيط
المريح كذلك و كأنها لا صاحب لها كما هو حال الصفقة الأخيرة.
و هنا يخطر ببالي سؤال لمن يدعم
فكرة البيع و هو ماذا سنبيع لاحقا بعد أن نبيع الأرض؟
و سؤال آخر لمكافحة الفساد؛ ما هو
موقفها مما جرى بقضية البحر الميت؟
كذلك هناك أمر آخر و هو انعدام
الشفافية من جهة الحكومة فلا يصدر بيان من طرفها ليوضح الأمر للناس لنعرف مدى صحة
هذه القضية؛
و لا نريد أن نرى أراضينا تباع
بالمزاد العلني: على أونا، على دوي ، على
تري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق