الأربعاء، 7 يناير 2015

حضرة المسؤول السابق .... سكوتك ذهب

حضرة المسؤول السابق .... سكوتك ذهب
دأب بعض المسؤولين الأردنيين الذين يكسد سوقهم و لا يجدوا من يكيل بصاعهم على أن يتحفونا ببضاعة مزجاة لا سوق لها إلا عند من يبحث عن التندر و الطرفة التي لا تُضحك أحداً حتى لو تقاطعت مع بعض أهدافه.  و هم يملكون بعض بقايا الفِطنة؛  فهم يعرفون أين و متى يظهرون، مستعرضين تحليلاتهم للأمور و منتقدين من جاء بعدهم متمتعين بما يعطيهم مركزهم السابق من حَصانَة شكلية ستطير إن جدَّ الجد، فيعلو سقف تصريحاتهم أحياناً.
و حديثي هذا قد تكون مناسبتة قضية غرق السفينة لصاحب نظرية الحقوق المنقوصة إياها زمان؛ فهو صاحب نظريةٍ عند كل أزمة يمر بها الوطن و لا يطل برأسه مذكّرا بنفسه إلا بالأزمات.  و هو بهذا يدل على نظرية رهيبة في اختيار المسؤولين لدى صُنّاع القرار؛ فإذا كان بعض المسؤولين ممن يحيطون بجلالة الملك تنقصهم الخبرة كما يقول، فلنا أن نعمم النظرية لنقول إن بعض من كانوا يحيطون بالنظام سابقا قليلو الوفاء أو عديموه.  و من هنا أجد أن قليل الخبرة سيتعلم ربما،  و لكن فاقد الوفاء لن يصبح وفياً في يوم من الأيام حتى لو شُحن رصيده مالياً.
لن أتحدث بموضوع غرق السفينة فقد كفاني بذلك من سبقني؛ و لكني أؤكد أن الشعب الأردني مدركٌ تماماً لطبيعة اللعبة السياسية بالمنطقة و هو متناغم جداً مع دوله و قيادته؛ و  يستسخف أي فكرة تدور حول زعزعة هذه الثقة و هذا التناغم. أستثني من ذلك القِلة ممن ما زالت تداعب خيالاتهم أحلامٌ سقطت الواحدة تلو الأخرى حولنا.  و لنسأل معاليه : متى كان الأردن خارج البحر المتلاطم الذي طغى على هذه المنطقة من أيام الحرب العالمية الأولى؟ هل كان يوماً خارج عين الإعاصير نفسها؟ و أين هو الآن؟  نعم ندرك أن الموج عالٍ و السفينة تعلو و تهبط و لكن لا ننسى عناية الله و خبرة الربان.
و لنخرج إلى شاطئ السلامة الغرق بعيداً للحديث  بشكلٍ أوسع عن حال المسؤولين الأردنيين السابقين، فصاحب نظرية السفينة ليس الأول الذي يجلد الوطن عموماً ولن يكون الأخير؛ فالجَلْد مختلف أشكاله و ألوانه و أصحابه.  نلاحظ أن من لم يجد له سوقاً في خطبة العرائس " طِلبةً أو إعطاءً"  يتحفنا بظهوره على مواقع الأنترنت بمقالات كزخ المطر؛ فمنهم من لا يكاد تختفي قدماه بأسفل الصفحة حتى يطل رأسه من أعلى الموقع من جديد. و منهم من تمترس خلف صفحات الفيس بوك مُنظِّراً حول كل القضايا، و آخر محاضِراً من هنا لهناك؛ و آخرون اتخذوا من المناسبات الثقافية فرصة للظهور كرعاة للفاعلية.  و لا ننسى طبعاً من يبحث عنه الناس كمنقذ لمؤسسة من الفلتان لكاريزما معينة عنده خبروها به عندما كان مسؤولاً.  و قد يصبح المسؤول أيضا أميناً عاماً لحزب يتمحور حول شخصه الكريم. و إذا فشل  في أمر ما كالانتخابات النيابية فيتهم الحكومة أنها أفشلته لأنه كان ينوي فضحهم؛ لا أدري هل كانوا مستورين عندما كان معاليك و زيراً مثلاً.  
لا أشكك بجهود الجميع طبعاً و لكني أضع علامات استفهام، فأقول للغالبية منهم أن هجرتكم إلى ما هاجرتم إليه و لا يعلم بالنوايا إلا الله؛ و لكن لا أدري لماذا تفترضون أن ذاكرة المواطن  قد اهترأت و ضعفت بحيث أنه يمكن أن ينسى (إنجازاتكم الكبيرة جداً ) إبان المسؤولية؟ و على رأي إخواننا المصريين ( إن كنتوا نسيتوا اللي جرى، هاتوا الدفاتر تنقرا). هذه الأيام و بهذا الفضاء الألكتروني الذي جمع فأوعى كل شيء؛ يكفيك نقرة واحدة على جوجل لتعرف تاريخ الشخص الذي جاءك يسعى طالباً صوتك لتنتخبه لجهة معينة، أو تم فرضه عليك من أناس بعزوا عليك.   
إن هذا الثوب الملائكي الذي يرتديه البعض من مسؤولينا عندما يخرجون علينا بثياب الواعظين لن يسنينا أن هذا المسؤول قد كانت يده تسبق لسانه في بعض الحالات و لسانه يسبق قراره، فكيف له أن يحدثنا عن أسباب العنف المجتمعي مثلاً و يقترح الحلول لذلك.  يجب على من يخرج علينا منظِّرا أن يبدأ بنفسه فيعترف بداية بفساده في مرحلة ما و يعتذر عنها لنصدق أنه يمكن أن يكون مصلحاً يوماً ما.  نعم كان فاسداً و بالثُلث لأن الفساد ليس نهباً لمال الدولة فقط.
يقال كما جاء بالتراث أن رجلاً هبطت عليه ثروة لا يُعرف مصدرها فأصبح من الأثرياء و أقتنى أفخم السيارات . فأراد ابنه اسثتمار هذا الغنى المفاجئ  إجتماعياً؛ فقال لأبيه ( يابا  خلينا نبني مضافة و نعزم الناس .... هيكا خلينا نصير شيوخ و وجهاء)  فقال له أبوه " يابا تا يموتوا اللي بيعرفونا".
المشكلة أمام السادة المسؤولين السابقين أنهم لن يستفيدوا من موت من يعرفهم فالأنترنت لا تموت. 
و بالعودة لموضوع غرق السفينة ندعو الله مخلصين أن ينجينا من شرور أنفسنا و نوايا غيرنا ممن هم بين ظهرانينا، و مخططات أعدائنا، و اقتراحات و تحليلات مسؤولينا السابقين و منهم صاحب نظرية إني أغرق أغرق أغرق؛ و لا نريد عونه و خبرته فالعون من صاحب الأمر.
#الحريةلمعاذالكساسبة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق