الجمعة، 23 سبتمبر 2016

أحمد الكوفحي ومحمد نوح

الشيخان أحمد الكوفحي ومحمد نوح ونهج الحلال والحرام
تذكرني حالة الاكتساح التي حققها معالي الدكتور محمد نوح القضاة بانتخابات 2016 بحالة الاكتساح الشهيرة للدكتور أحمد الكوفحي بثمانيات القرن الماضي الشهيرة أيضاً التي كانت محور حديث الجميع على مختلف المستويات. ولابد من الإشارة طبعاً بتميز الدكتور محمد نوح هنا لأن الأمر بالنسبة له لم لكن سهلاً كما كان للدكتور الكوفحي زمان،  فقد كانت الساحة خالية أو شبه خالية من منافسين أقوياء للدكتور أحمد الكوفحي كما حدث مع الدكتور محمد نوح هذه الأيام.  فقد كان الدكتور الكوفحي الوحيد الذي يمثل التيار الديني بخلاف الدكتور محمد الذي نافسه في المجال الديني جبهة العمل الاسلامي والإخوان المسلمون المرخصة وزمزم والوسط الإسلامي وكان الضرب فيها تحت الحزام على أشده؛ ومن المفارقات المضحكة جداً هو هذه الاتفاق الضمني بين بعض التيارات الإسلامية وغير الإسلامية (حزبياً) وكذلك العلمانية والإلحادية على مواجهة الدكتور محمد نوح، ولكن الله قدر للدكتور محمد نوح هذا النجاح الكبير الذي جعلني أفكر في حالة الدكتور أحمد الكوفحي مع الفارق الذي أشرت إليه.
وحتى نضع الأمور  بالسياق الصحيح فلا بد من تناول الشخصيتين بما يجمعهما من صفات حببت الناس فيهما.  ولا بد من التقديم لهما أنهما جاءا يمثلان نهجاً يتعطش له الناس  وهو مفهوم الحلال والحرام  في بيئة دينية صرفة تعشق من يرفع هذا الشعار دون عنف ولكن بالنصيحة.  لهذا رأى الناس فيهما المنفذين لشرع الله وفي نفس الوقت يلبيان الرغبة الشعبية عند الناس  بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.  ولا بد من التذكير أن حزب الوسط الاسلامي أيضا استفاد من هذا الشعار  في الانتخابات السابقة للمجلس السابع عشر بشكل كبير بالإضافة لغياب الاخوان المسلمين في تلك الفترة كعامل مساعد.
لقد عرفتُ الدكتور أحمد الكوفي عندما كان أستاذاً للشريعة الإسلامية بكلية حوارة (معهد حوارة بتلك الفترة) ولم أكن قد التحقتُ بالكلية بعد.  وقد كان يُعرف بالشيخ أحمد الكوفحي أيضا.  وقد لمع نجمه بشكل كبير عندما أعطي كمحاضر غير متفرغ مادة التربية الإسلامية في جامعة اليرموك التي كانت حديثة بتلك الفترة، وكان لقراره فصل البنات عن الأولاد في قاعات الدرس صدى واسعاً عند الناس التي كانت ترى في الاختلاط بالقاعات حرمة كبيرة.  وقد أثيرت ضجة  أيضاً أن الجامعة رفضت ذلك إلا أن الشيخ أصر على ذلك ونجح فاعتبر نصراً كبيراً. ولا أدري إن كانت الرواية صحيحة أو قُصد منها تلميع الشيخ في تلك الفترة.
كذلك كان شعار الشيخ أطال الله في عمره في حياته اليومية الحث على الحلال ومقاومة الحرام.  وكان لا يفرق بالدعوة لهذا بين مسلم أو غير مسلم.  وعندما جاء وقت سداد الدين حقق الشيخ أحمد من أصوات المسحيين كما حقق من المسلمين. ومن المفيد أن أستذكر حادثة للتدليل على صحة هذه الفكرة حدثت بين الشيخ أحمد وأحد الزملاء المسحيين رواها لي الزميل المسيحي بنفسه مدافعاً عن موقفه بانتخاب الشيخ أحمد؛  قال : سمعني الشيخ أحمد بغرفة الاستراحة أتحدث مع زميل آخر عن عيد الميلاد القادم وعن احتفال الأسرة والمصاريف وكيف أنه سيتوجه لبنك الإسكان للحصول على سُلفة  300 دينار على الراتب ليغطي تكاليف العيد من ملابس وغير ذلك للأولاد.  بعد الاستراحة أو اليوم التالي يقول الزميل فوجئت بالشيخ أحمد يطرق باب المحاضرة على الزميل ويناديه خارج المحاضرة ويعطيه مبلغ 300 دينار ويقول له "عَيِّد أنت وأولادك ولا تأخذ من البنك لأن البنك يتعامل بالربا"  فعلق الزميل فكيف لا أنتخب هذا الشيخ الذي  لا يفرق في شعار الحلال والحرام بين مسلم ومسيحي!!
هذه الأمور وغيرها جعلت من الشيخ أحمد الكوفحي إمام الدعاة الأردنيين في تلك الفترة فجاء فوزه اكتساحاً كبيراً.  لكن وبعد الوصول للمجلس أخذ نجم الشيخ بالاختفاء قليلاً قليلاً على مستوى الاخوان المسلمين كما ظهر لنا؛ ولا أدري هل هو كمال الأشياء التي تؤذن بالنهاية أو هو الانسحاب أو التوريث في المركز لنجله الدكتور نبيل الكوفحي حيث كان الشيخ يدعمه من وراء ستار فصعد نجمه سياسياً بشكل سريع. 
لا يختلف الأمر مع الدكتور محمد نوح القضاة بالنسبة للبدايات حيث دخل قلوب الناس من خلال برامج دينية كثيرة على القنوات العربية منادياً بإعلاء مفهوم الحلال والحرام بين الناس وخاصة عندما ظهر في برنامج الميزان  على التلفزيون الأردني.  وقد توسم فيه الناس الصدق لأمرين أثنين أولهما الاستعداد الفطري لدى الناس لتقبل من يدعو لهذا الشعار (الحلال والحرام)  خاصة في زمن الفساد؛ وثانيهما تاريخه الأسري المتمثل في سيرة والده الشيخ نوح رحمه الله العطره وهو أي الشيخ نوح أبو قلمين ( قلم رسمي يكتب فيه معاملات الدولة، وقلم شخصي يكتب فيه لشؤونه الشخصية) وتاريخ عائلة دينية عريقة فلم يداخل الناس الشك بصدق قوله خاصة عندما تولى الوزارة وفي جمعية الشيخ نوح للرفادة. 
لهذا، وللأسباب الأخرى المتعلقة بالدعايات المغرضة ضده من كل من يرى أن الشيخ محمد نوح قد خطف منه الأضواء لم يكن من المستغرب أن يهتف الجميع مرحباً به بالزرقاء ويهتفون له (ابشر) عندما قال لهم أنه جاءهم طالباً دعمهم. وكاك كل منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أو مقال ضد الشيخ هو دفعة له للأمام وارتفاع في رصيده عند الناس  فجاء النصر مبينا كفلق الصبح.
لا أدري إن كان الأمر بالنسبة للشيخ محمد نوح سيشبه الشيخ أحمد الكوفحي من حيث النهاية. فهل كملت الدائرة بالنيابة؟  لقد تولى الدكتور محمد من المناصب ما أراد،  ولا أعتقد أن النيابة مطمعاً له بعد الوزارة، لا بل أنني أراها النهاية إن لم يكن أداؤه بالمستوى المطلوب للجماهير؛ فالناس تريد مواقف رسمية وفاعلة وعلى أرض الواقع ولا تريد خُطباً عن الحلال والحرام فقط، فهل سيكون الدكتور محمد نوح (قدها وقدود)؟  
بقي شيء هنا خطر بالبال الآن وهو هل ستكتمل الدائرة  أيضاً بالنسبة للشيخ أحمد الكوفحي به أو بنجله الدكتور نبيل بتولي حقيبة وزراية ليتساوى الدعاة إلى الحلال بالفرص نيابة ووزارة؟؟؟ 
وهناك أمر آخر أريد أن أهمس به بأذن العلمانيين أو حتى الملحدين بأن طريقهم صعب وهدفهم ليس سهل المنال في هذا المجتمع؛ لهذا عليهم تحسس موضع أقدامهم واختيار عباراتهم جيداً فهذه تربة ليس من السهل زراعة بذور غير بذور الدين فيها.
تحياتي  للدكتور أحمد الكوفحي وتمنياتي لمعالي الدكتور محمد نوح القضاة  بالتوفيق في مهمته القادمة الصعبة  والنجاح فيها.
والله غالب على أمره
صدق الله العظيم



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق