الجمعة، 17 أكتوبر 2014

لا للمشاركة البرية على داعش

لا للمشاركة البرية على داعش
بما أن الأمر شورى بيننا، و بما أن تصريحات معالي وزير الشؤون السياسية قد وضعت النقاط على الحروف أو أوشكت و تحولت من تصريحات لتحليلات، و بما أن الأمر لا يعدو كونه توقعات لم تصل لدرجة القرار، فليسمح لنا ذوو القرار أن نعبر عن رأينا بهذا الأمر المصيري بأن نرفض الاشتراك بالحرب البرية الجاري الحديث عنها أو تهيئة الشارع لها بالأخبار.
  و لرفض اقتراح دخولنا الحرب البرية عدة أسباب أهمها أننا تعودنا دائماً على المراهنة على حكمة قيادتنا التي تميل دائما لعدم التدخل بشؤون الغير حتى لو كان التاريخ حافلاً بتدخل الغير في شؤوننا بشكل سافر أحياناً؛  فهذه الحرب  إن حدثت هي تدخل في رسم واقع جديد في المناطق في بؤر التوتر الحالية سواء بالعراق أو بسوريا. و لنا كبير  الأمل أن تبقى قيادتنا على مسافة واحدة من الجميع.
و ثاني أسباب الرفض هو أن الأمر قد يبدو سهلاً بالبداية خاصة في خضم الفزعة الآنية التي نتصدر  نحن العرب الصدارة فيها؛ فبعد أن يطول أمد الحرب ستنسحب باقي الأطراف و نبقى نحن في المواجهة مع جيراننا و إخواننا في القُطرين الشقيقين الذين لن ترضى شعوبهم بهذا التدخل لاحقاً حتى لو تقاطع هذا الأمر مع سياسيها في الوقت الحاضر.
ثالثاً: لقد دلت التجارب في العديد من الدول أن التدخلات الخارجية بالدول لم تنجح يوماً على مستوى الشعوب و إن نجحت في تغيير النظام السياسي في البلدان؛ و لكنها تترك غصة بقلوب الشعوب فتزداد انقساما على انقسام  مما يؤثر على جيران هذه الشعوب و نحن بالمقدمة.
رابعاً و على  مبدأ الإخوة المصريين عندما يقولون "و إحنا مالنا" نقول هنا عندنا أن أرواح جنودنا عزيزة علينا،  و هذه الحرب البرية لن تكون نزهة قطعاً، لهذا سيتأثر كل بيت أردني الذي يفخر بأن أحد أفراده أو أكثر منتسب له لا سمح الله إن سقط أبناؤنا ضحايا على تراب غير التراب الأردني أو العربي  إن طلب العون من عدوان خارجي يهدد أرضه كما فعلنا بالسابق أو على أسوار القدس.  و بالرجوع  إلى الموضوع المصري فلا يزال بعض المصريين ناقمين على نظامهم السابق الذي زج بأفواج جيشه للتدخل باليمن لنصرة النظام هناك ضد نظام عربي آخر. فلم يحقق الهدف هناك وعاد محملا بجثث جنوده و بذكريات مريرة من أهل اليمن تجاه ما جرى هناك. 
خامساً هذه الحرب بالمحصلة النهائية ليست حربنا بالدرجة الأولى إلا من الجانب الوقائي فقط و الذي تكفي فيه الطلعات الجوية لنسورنا البواسل هناك. و لا نرى ضرورة للدخول في أتون معركة  برية يمكن لنا أن نتجنبها.
سابعاً و بشكل شخصي لا أؤمن كثيراً بالشعارات البراقة فما عادت تدغدغ مشاعري لأنني و بصراحة كما تعودنا نعود بعد كل فزعة بسواد الوجه ممن انتفضنا لمساعدتهم, و الدليل هو ما نسمعه من الداخل و الخارج بخصوص اللاجئين من تشكيك بما نقوم به تجاههم  رغم أنهم بأحضاننا و يشاركوننا حتى هواءنا.   لقد هتف الضيوف ضد وطننا و نظامنا في المضاهرات، في الوقت الذي يحتمون فيه بنشامى و طننا،  و شتم السفير السوري بلدنا و هو على أرضنا، و جنّد سفير آخر زبانيته على شبابنا فضربوهم بعقر دارنا عندما اعتقد الشباب أن الدنيا كلها كبلدهم الأردن حيث يمكن أن يقولوا ما يشاؤون و يرجعون آمنين لبيوتهم.  فكيف سيكون الحال عندما يتحول الأمر إلى قوات لنا على أرضهم هناك.
لا أتناقض مع نفسي أبداً؛ فأنا من كتب قبل شهر تقريباً مقالاً هنا بعنوان "داعش لم تترك لنا الخيار" مفسراً سبب دخولنا الحرب على داعش كإجراء وقائي؛ و لكني أيضاً قلت بنفس المقال " لنا أن نقول في هذه الحرب ما نشاء و ندلي بدلائنا فيها قبولاً أو رفضاً قبل القرار و عندما يكون الحديث عنها هو السائد؛  لكن و بعد أن يُعلن الوطن قراره، و يصبح القرار إما مع الوطن أو ضده فلا بد أن نكون جميعاً في صف الوطن و أي حديث غير هذا يصنف بأن صاحبه يقف بالصف الآخر" المعادي للوطن. لهذا ما زلنا نمارس حقنا الدستوري بمناقشة الأمر لأن وقت القرار لم يُعلن عنه بعد.   
إن كان هناك وقت لرفضها و لِحانا ما زالت بيدنا فإن أمل الأردنيين كبير بأن تتناغم القيادة مع شعبها كما كانت دائما من عهد السلف الصالح إلى الخلف الذي ما حاد عن الدرب بأن تحفظ للأردنيين  أرواحهم و لا تشارك في هذه الحرب.
أما إن كان قطار الحرب البرية قد وُضِع على السكة و حُجزت إحدى عرباته باسمنا عندها لن يكون لنا الخيار إلا أن نكون مع الوطن كما كنا دائما معه.

و نختم كالعادة بالدعاء بأن يحمي الله هذا الوطن و أبناءه إنه سميع مجيب الدعاء. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق