الدعم للمواطَنة نفسها وليس للمواطن
منذ القرن الماضي وكلما دق الكوز بالجرة يطلع علينا المنظرون لقرارات
الحكومة بالرفع بتصريح مسبق من شاكلة " لا نية للحكومة لرفع سعر الخبز"
وبسبب الخبرة بأن هذا يعني الرفع يضع المواطنون أيديهم على قلوبهم خوفاً من رفع
قادم؛ فيخرج عليينا إياهم بتصريح أن الخبز " خط أحمر" فيزداد خوف
المواطن ويقول على طريقة باب الحارة أرررربت.
وعندما تتأكد حكوماتنا بأن الفكرة وصلتنا يخرج إياهم أيضاً بتصريحات من
قبيل أن دعم الخبز يذهب لغير مستحقيه وهذا العام ازداد الأمر خطورة بأن الخبز يتم
تهريبه، فما العمل؟ كل شي ولا تهريب الخبز.
كنت أتوقع أن تقف دوريات الجمارك مثلا لتعلن أنها صادرت بك أب خبز قبل
تهريبه لدولة جارة. ويرتفع صراح الاعتراض
يقابله (طولة) بال الحكومة لطمأنة المواطن بأنه لا مساس بالطبقة الوسطى وهي بصدد
البحث عن وسيلة الدعم المناسبة وتحديد قيمة الدعم لإيصاله لمستحقيه.
هذا العام كانت شروط استحقاق الدعم قاسية جداً بحيث حمدت الله أنها لم
تشترط الموت للحصول على الدعم؛ انتفض النواب وصرخوا وشجبوا وهم يعلمون مثلنا تماما
أنهم يتجهون إلى شروط وضعتها الحكومة مسبقاً ولكنها أرادت الوصول لها بشكل شرعي
ونزولاً عند رغبة ممثلي الشعب. وربما
سيحصل هذا قريبا. ويعرف المواطنون بأنه لا
يحصل إلا الذي تريده الحكومة.
المهم برأيي الشخصي أن هذا كله نوع من الفنتازيا. فإذا كان تذرع الحكومة
بأن الدعم هو لحماية خبز المواطن ( كل مواطن) فمن الإجحاف وضع الأسس لتحديد من
يستحق ممن لا يستحق. فالقانون لم يميز بين مواطن معه مصاري يشتري خبز أو معهوش بغض
النظر عن نوع الخبز. كنت سأكون شاكراً للحكومة لو أعطت الدعم لكل المواطنين من
الغفير للوزير مع وافر الاحترام للجميع وأنا جاد في طرحي هذا؛ عندها سأصدق أن
الهدف هو حماية المواطن. لماذا الاستمرار بشرخ فئات المجتمع بين فئة غنية وفئة غير
غنية؛ نحن هنا نتحدث عن حقوق مواطَنة للجميع.
وسبب الطرح السابق بالإضافة إلى أن المواطنين متساوون بكل شيء هو أن لنا
تجربة أو تجارب سابقة بموضوع الدعم وأخرها دعم المحروقات. فالمحللون الاقتصاديون لهم طريقتهم في تقرير ما
إذا كنت أستحق الدعم أو لا. فمثلاً على ما أذكر أنني عندما ذهبت للمطالبة بدعم
المحروقات زمان قيل لي أنت لا تستحق بعد أن طلب مني مراجعة دائرة أخرى نسيت
اسمها. هناك تبين لي أنني مليونير تقريباً
من حيث لا أدري؛ فحسبوا لي الضمان الاجتماعي كدخل في حين أنني كنت أدفع (ولا أقبض)
الضمان لي ولزوجتي. وعندما قلنا للموظف يا عمي نحن ندفع ضمان ولا نقبض؛ قال أحضر
لي ورقة من الضمان بهذا وراجعنا بشهر ايلول وكنا في حزيران. فلم أرجع وسمعت أن
الدعم اختفى عند الجميع.
لذلك يجهز الأردنيون أنفسهم من الان لطابور طويل حتى يعرفوا إن كانوا
يستحقون ذلك أم لا وهنا تكمن مطالبتي بأن يشمل الدعم الإخوة من الطبقات العليا
معنا فربما يكون القرار واحداً كما يفترض ونخلص من مسالة يستحق أو لا يستحق.
فما رأيكم؟ ألسنا كلنا مواطنين! لهذا أنا احتشد للمطالبة بحق جماعة الكروسان
بالحصول على الدعم تماما كالمعتمد على الخبز المدعوم والشاي؛ أما غير الأردنيين
فيتحملوا الفروقات فهم لا يدفعون ضرائب للدولة.
يجب أن يشعر الأردني أنه مواطن.
بصراحة أنا مقتنع جداً بهذا الطلب وأرجو أن يجد آذانا صاغية لكن بشرط أن
يكون الدعم واحداً للجميع ولا نجد أن دعم الفئة (أ) يختلف عن دعم الفئة (ب).
بالمناسبة شو أخبار جرة الغاز.