كرامة الأردنيين
يحتفل الأردنيون بشهر آذار عندما يهل عليهم كل عام احتفالاً
مميزاً؛ فأوله تعريب
قيادة الجيش
و في أوسطه يوم المرأة
العالمي و في آخره يوم الأم. و يجد المدقق في سير المناسبات أنها
كلها تصب في مفهوم الكرامة.
فالتعريب ضرورة من ضروريات الكرامة . و المرأة نصف المجتمع وهي التي تهز العالم بشمالها عندما تكون تهز السرير بيمنها كما جاء بالأثر، و الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق، كما
جاء بالشعر العربي. لهذا ليس غريبا لشعب كشعبنا مر بهذه
المراحل ان يكون نصره المظفر بمعركة الكرامة الأردنية أيضا في شهر آذار.
يحتفل الأردنيون في الحادي و العشرين من شهر آذار من كل
عام بذكرى عزيزة على قلوبهم و هي ذكرى
معركة الكرامه. كيف لا يحتفلون بها و هي
معركة جيشهم الأبي الذي يتشرف كل بيت أردني بأن يكون أحد أفراده في هذا
الجيش. كيف لا نحتفل و هي النقطة المضيئة
التي أضاءت ليل حزيران بنكساته و جراحاته بمشعل من نور الأمل بالتغيير و التبشير
بالنصر؟ كيف لا نحتفل و معركتنا هي أول بوادر النصر العربي و التي لفتت نظر من
يتآمرون على هذه الأمة بأن هذه الأمة لم تمت من أثر الضربة على رأسها بحزيران،
فبدأت منذ ذلك الوقت بإجهاض ثمرة الانتصار.
كيف لا نحتفل فيها و هي التي قامت على نصرة المظلوم و رد
الظالم و ردع العدوان؟ و لا زلت أذكر مقولة الفريق المرحوم مشهور حديثة لقناة
الجزيرة ببرنامج شاهد على العصر، حيث قال:
"اللهم يا رب أنت تعلم أنهم يعتدون
على حق، ونحن ندافع عن حق، أن تنصر الحق على الباطل يا الله"".
معركة بدأها قادتها بالصلاة و الدعاء حُق لها أن تتوج بالنصر المبين. هذه الأيام أكرمني الله سبحان و تعالى بالتعرف
على نجل هذا الأسد رحمه الله على الفيس بوك و هو أيضا من أسود قواتنا الباسلة،
فهذا الأسد من ذاك الأسد.
في كل مرة تحل ذكرى معركة الكرامة يبادرني السؤال إياه و
هو: هل أنصفنا هذه المعركة و أعطيناها ما تستحقه من التكريم و التخليد؟ لا أظن أننا وفيناها حقها. عندما أنظر كيف
خُلدت معركة اكتوبر رغم ما شابها من شكوك بأنها ( حرب اكتوبر) كانت حرب تحريك لا
تحرير و قادتنا الى مستنقع كامب ديفيد الذي شرخ صف الأمة و قادها من تشرذم الى آخر؛
استغرب هل تستحق الكرامة من الجهات الرسمية كل هذا؟
لقد كان أول ظلم لهذه المعركة من أهلها عندما تغاضت عندما تم تجيرها
لصالح جهات لم تحضر عرس الكرامة كما يجب. لقد سمعنا قصصاً تتحدث عن بطولات قفزت عن
بطولات النشامى لا بل نسبتها إلى نفسها، و استغلتها أيما استغلال، و اكتفت جهاتنا
الرسمية بموقع المتفرج و لسان حالها يقول " الله وحده يعلم
الصحيح". لقد شعرت بالفخر عندما سمعت
الفريق مشهور حديثة عندما قال لقد كانت الكرامة معركة جيش لجيش، جندي لجندي و دبابة لدبابة. و لم ينسى أن يشكر مساهمات الإخوة الفدائيين
ممن أختار أن يبقى بالكرامة ليقاتل الى جانب إخوتهم نشامى الجيش، خاصة ببلدة
الكرامة نفسها.
يثلج صدري هذه الاحتفال المميز الذي درجت على إقامته
القوات المسلحة في السنوات الأخيرة، فهي صاحبة العرس الأصلي في هذا اليوم المجيد،
فلم تعد تمر هذه المناسبة فقط بوضع أكليل من الزهور على ضريح الجندي المجهول و
تعود الأمور الى ما كانت عليه.
إن الدراما هي الأصلح لتخليد انتصارات الأمم، فلماذا لا
نرى عملا فينيا متميزاً يليق بالكرامة ليخلد ذكراها؛ لدينا الكثير من الطاقات البشرية التي ستبدع في
هذا العمل إن توفر لها الانتاج الكافي و لا أتحدث عن باقي الشروط فهي متوفرة كالنص
الجيد و التمثيل و الإخراج فهي كلها متوفرة.
متى سنشاهد بذكرى الكرامة عملا فنيا مميزاً يليق بالكرامة يُبث بهذه
المناسبة؟
إن يوم الكرامة
ليس فقط ذكرى لمعركة و لكنه ذكرى لكرامة شعب ظلمه التاريخ و ربما ساهم بظلم نفسه
من قبيل الإيثار الأخوي و حسن الجوار و ما الى ذلك. آن الأوان لهذا الشعب أن يخلّد هذه المعركة،
فالمعركة معركته و الكرامة كرامته، و آذار شهر أردني بامتياز، و يا لروعة آذار
عندما يكون أردنياً.
رحم الله شهداء الكرامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق